قيمة أي إبداع إنما تسكن الموقف من الميثولوجيا. تسكن تحديداً المكان الذي ينتمي إلى طينة الإبداع. وهو ما يعني أن قيمة المكان إنما تسكن ميثولوجيا المكان. لأن هذه الميثولوجيا هي التي تبدع هوية المكان، هوية هذا المكان، لتمييزه عن أي مكان، فهي وحدها المفوضة بتلفيـق واقع المكان، الذي لن يكون في النتيجة سوى ذخيرة المكان، ثروة المكان، التي ستسوق كحجة تصنع مجد المكان. ولكن هل تكتفي الميثولوجيا باعتناق دور الناطق بلسان المكان كمكان؟ الواقع أننا لا نستطيع أن نعترف للميثولوجيـا بهـذا الـشرف مـا لم تتفـوق عـلى نفسها، وتنتحـل صلاحيات الناطـق الرسمي باسم روح المكان، وليس باسم المكان، كمجـرد مـكان. فهذه الكاهنة التي ترطن بلسان الشعر، وتعتنق دين الفلسفة، وتحترف تلاوة صلواتها في محراء معبود هو الوجود، تتباهى بماهية ترجمان الزمن الضائع، مستعيرة سلطة ذاكرة: ذاكرة الواقع المنسي.
المؤلف : إبراهيم الكوني
الناشر : المؤسسة العربية للدراسات والنشر
لا يوجد أسئلة سابقة،
يمكنك إضافة سؤالك لمعرفة المزيد حول المنتج