الحياة بين الكمومية والمعلوماتية

* عندما توصل واطسون وكريك إلى بنية الدنا DNA وطريقة أدائه لوظائفه، ظن العلماء أنهم قد توصلوا إلى سر الحياة، وما هي إلا سنوات قليلة حتى أدركوا أننا في حاجة إلى مستوى تفسيري أعمق مما توصلوا إليه. * وقد أثمرت جهود العلماء الحثيثة تأسيس عددٍ من العلوم الحديثة، جعلت مكانة علوم الدنا تتراجع إلى مصاف البيولوچيا الكلاسيكية، لذلك رأينا أن نطرح للقارئ العربي علوم ما بعد الدنا فيما أطلقنا عليه «ثلاثية البيولوچيا الحديثة». * لقد أدرك البيولوچيون أن المستوى التفسيري للحياة يغوص إلى أعماق سلوك الجسيمات الدقيقة (الكمومية) وإلى المستوى الأساس في الوجود (المعلوماتية)، لذلك رأينا أن نفرد لهما هذا الكتاب الأول من الثلاثية. •إن الآمال الكبيرة معقودة على البيولوچيا الكمومية من أجل تقديم فهم أفضل لنشأة النظم الحيوية وتطورها، وفهم أفضل للوعي والملكات العقلية ومعضلة المخ - العقل القديمة قِدَم الفكر الإنساني. وسيؤدي هذا كله - دون شك - إلى فهم أفضل وتقديم تعريف أدق للحياة. * لا تقف فائدة «البيولوچيا الكمومية» عند هذا المستوى التفسيري، بل إن لها تطبيقاتها التكنولوچية التي تحقق للإنسان مستوىً صحيًّا وحضاريًّا أعلى. * أما على المستوى الفلسفي والديني، فإن البيولوچيا الكمومية عندما ألغت الحتمية الطبيعية فإنها قد فتحت بابًا واسعًا لآلية التدخلات الإلهية في ظواهر الحياة والعقل الإنساني وإرادته الحرة. ولا شك أن لهذا الطرح انعكاساته العميقة على علوم العقيدة وفهمنا لها. * كذلك فقد ثبت أن معلومات الكون كلها يتم بثها ومعالجتها بآليات كمومية، وهذا ما جعلنا نضم بين دفتي هذا الكتاب موضوعيّ «البيولوچيا الكمومية» و«البيولوچيا المعلوماتية» معًا، فنكون قد استكملنا طرحنا عن دور الفيزياء الكمومية في ظاهرة الحياة، ونكون أيضًا قد استوفينا أحد إنجازات العلم الكبيرة في مجال البيولوچيا الحديثة الذي خصصنا له هذا الكتاب من هذه الثلاثية، وهو أن «الحياة ظاهرة معلوماتية كمومية». المؤلف: عمرو شريف